قال الشيخ عبد الهادي حميتو يقول في سياق حديثه عن مؤلفات الإمام الداني (مع شيء من الاختصار مني ، كما أغفلت إثبات الهوامش): الكتاب رقم : 100 // الرسالة الواعية في الإعتقادات : ذكرها ابن الأبار بهذا العنوان في ترجمة خلف بن عبد الله ...فقال : حدث عن السفاقسي و عن أبي عمرو المقرئ ، حدث عنه بالرسالة الواعية في الاعتقادات من تأليفه أبو الربيع سليمان بن محمد الغماد المقرئ . و ذكرها أيضا في معجم أصحاب أبي علي الصدفي في ترجمة محمد بن عبد الرحمن المنتيشي من أهل شاطبة حيث قال بعد ذكر بعض مشيخته : " و قرأت بخطه : لما وصل الى ذكر الرسالة - يعني الواعية - لأبي عمرو أثنى على أبي عمرو . فقلت له : إني قرأت على أصحابه ، و ذكرت أبا داود سليمان بن أبي القاسم و أبا الحسن علي بن عبد الرحمن ، فأخرج "الرسالة" و قال : ناولني إياها أحدث بها عنك عنهما "
و ذكر في التكملة هذه القصة أيضا و ذكر أن أبا عبد الله بن خليفة يحمل " الرسالة الواعية " عن تلميذه المذكور مناولة بروايته إياها عن أبي داود و ابن الدوش عن أبي عمرو ، و ذلك سنة 500 هـ. و ذكرها المنتوري في فهرسته مما سمعه من شيخه أبي عبد الله محمد بن محمد القيجاطي و سماها " الرسالة الواعية لمذاهب أهل السنة في الاعتقادات و الديانات.
و قد وقفت على مصورة منها لكنها جاءت مذكورة بعنوان "الوافية " بالفاء بدل العين ، و هي في عشرين ورقة ، و العنوان بتمامه فيها : الرسالة الوافية لمذهب أهل السنة في الإعتقادات و أصول الديانات...
هكذا جاءت بالفاء خلافا لما تقدم وتكرر في كتب الحافظ ابن الأبار الأندلسي و غيره .
و يقوي أنها "الواعية" بالعين لا بالفء قوله في العنوان : "لمذهب" باللام لا بالباء ، إذ لو كان اللفظ بالفاء لكان الأنسب أن يكون "بمذهب " بالباء ، لأن المعروف الشائع في الاستعمال : " الوافي بالأمر " على معنى المستوفي لجملته لا الوافي له .
و قد كان المنتظر أن يرتفع الاشكال بالرجوع الى قائمة أسماء تصانيف أبي عمرو في الفهرست المنشور ، إلا أنها لم تذكر فيه لا باسم " الواعية " و لا " الوافية " و إنما ذكرها في الرقم الترتيبي : 5 باسم : "الرسالة في الاعتقاد " و ذكر أنها جزء"
يعرض أبو عمرو الداني في هذا الكتاب باختصار جملة من المسائل الاعتقادية, وأصول الديانة التي يلزم اعتقادها على المسلمين, ولا يسع المكلف جهلها وفق مذهب أهل السنة والجماعة في الأعم الأغلب, وذلك من خلال تسعة وخمسين فصلاً.
قراءة علمية: ابتدأ المؤلف ببيان أن أول ما افترضه الله تعالى على جميع العباد إذا بلغوا حد التكليف النظر والاعتبار كما يقول المتكلمون, ثم الإيمان به, والإقرار بملائكته ورسله, وقد عرف الإيمان بأنه التصديق وفق مذهب المتكلمين من الأشاعرة والمعتزلة, ثم بين وجوب الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته, متعرضًا لذكر بعض الصفات كالوجه واليدين والعين والإرادة والمشيئة والعلو والنزول والاستواء, ثم بين وجوب الإيمان بالأقدار كلها خيرها وشرها, ثم تعرض للحديث عن كلام الله ـ سبحانه وتعالى- وأنه غير مخلوق, وأن الله تعالى يرى في الآخرة بالأبصار, ويحاسب عباده يوم القيامة, ثم تعرض للحديث عن الإيمان, مؤكدًا ما سبق أن قرره من أن الإيمان هو التصديق, وأنه يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية, وأن الاستثناء فيه جائز إذا كان عائدًا إلى العاقبة والكمال, ولا يجوز على طريق الشك, ثم بين معنى الإسلام والإيمان والعلاقة بينهما, وأن من فرائض الدين لزوم جماعة المسلمين, وأن التصديق بالرؤية واجب, وأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أسري به يقظان لا نائم, ثم تعرض لبيان السمعيات المتعلقة باليوم الآخر ومنها الجنة والنار, وأن المؤمنين يحيون في قبورهم, ويسألون ويفتنون, مقدمًا بعض الأدلة من القرآن والسنة على ذلك. ثم بين وجوب الإيمان بالصراط, والموازين, والحوض وشفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم.
ثم تحدث عن أطفال المؤمنين والمشركين, وأن الجن موجودون, والسحر حق, وأن أفضل الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ المهاجرون, وأفضل المهاجرين العشرة المبشرون بالجنة, ثم ذكر بعض أشراط الساعة مثل: نزول عيسى وكسره الصليب وقتله الخنزير, والدجال, وخروج يأجوج ومأجوج, وخروج الدابة, وطلوع الشمس من مغربها, ثم عقد فصلاً في أصول الديانة وخروج الدابة وطلوع الشمس من مغربها, ثم تكلم عن معالم الشريعة مؤكدًا وجوب تحكيم الكتاب والسنة وأن الإجماع حجة والتقليد غير واجب إلا للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم ختم ببيان وجوب التمسك بالسنة, وترك البدعة.
التقويم :
- قدم المؤلف جملة من العقائد الواجب على المكلف معرفتها, وفق مذهب أهل السنة والجماعة عدا شذرات قليلة, مثل ما ذكره من أن الإيمان هو التصديق, وقوله بأن أول واجب على العباد هو النظر -وهو قول المتكلمين -ومذهب أهل السنة والجماعة أن معرفة الله فطرية جبل عليها الإنسان ولا تتوقف على ما ذكره من النظر, ومن المقرر أن مذهب أهل السنة في الإيمان أنه إقرار بالجنان وقول باللسان وعمل بالأركان, كما ذكر هو نفسه ذلك عن بعض المحدثين والفقهاء, ولكن يبدو أنه رجح قول المتكلمين آنف الذكر.
الملاحظات :
- وقع بالكتاب أخطاء مطبعية.
- لم يقدم المحقق شيئًا عن الأصل الخطي للكتاب أو النسخة التي اعتمد عليها في التحقيق على الرغم من أهمية ذلك, كما قصر في تخريج الآثار والأحاديث, حيث اقتصر على جزء قليل منها, إضافة إلى ذلك لم يقم بالتعريف بمؤلف الكتاب, ومدى صحة نسبة هذا الكتاب إليه, ومن ثم فقد كان دوره في التحقيق دورًا ثانويًا اقتصر على النسخ من أصل لا ندري عنه شيئًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق