بسم الله الرحمن الرحيم _ رب أنعمت فزد - الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من اهل العلم, يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الاذى، يحيون بكتاب الله عز وجل الموتى، ويبصرون بنورالله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه‏, وكم من ضال تائه قد هدوه,‏ فما أحسن أثرهم على الناس, وأقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين, الذين عقدوا ألوية البدعة, وأطلقوا عقال الفتنة فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن المضلين

وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله, أما بعد: فهذا موقع مفيد ومكتبة شاملة جامعة لكتب ومصنفات عقيدة السلف الصالح أهل الحديث والأثر, والسنة والجماعة, الطائفة الناجية المنصورة التي لا يضرها من خالفها إلى يوم القيامة

فـ: السلف، المراد بهم الصحابة رضوان الله عليهم، وتابعوهم، وأتباعهم إلى يوم الدين. وقد يراد بالسلف القرون الثلاثة المفضلة, المشهود لهم بالخيرية على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.

و أهل الحديث والأثر , نسبوا إلى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - لشدة عنايتهم به رواية ودراية واتباعًا واقتداء ، فهم يقدمون الأثر والنقل على الرأي والنظر

و السنة : الطريقة المسلوكة في الدين, وهي ما عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأعمال والأقوال، وإن كان الغالب تخصيص اسم السنة بما يتعلق بالاعتقادات لأنها أصل الدين

و الجماعة : الاجتماع الذي هو ضد الفرق وشق عصا المسلمين

فـ: أهل السنة والجماعة هم أهل السنة لأنهم تمسكوا بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهديه، واقتفوا طريقته باطنًا وظاهرًا، في الاعتقادات والأقوال والأعمال

وأهل السنة والجماعة هم الجماعة التي يجب اتباعها, لأنهم اجتمعوا على الحق وأخذوا به، وعلى السنة والاتباع، وترك البدع والأهواء والتفرق, وجهاد الكافرين والفاسقين والمنافقين بالجنان و واللسان والسنان, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, والقيام بالحق حيث كانوا لا يخافون في الله لومة لائم, ولأنهم يجتمعون دائمًا على أئمتهم وولاتهم, فلا يخرجون عليهم ولا يخلعون يدا من طاعة, ولا ينازعون الامر أهله, فيطيعونهم في العسر واليسر, والمنشط والمكره, وأثرة عليهم

و الفرقة الناجية هي المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم « والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة وثنتان وسبعون في النار ». قيل: يا رسول الله من هم؟ , قال: «الجماعة »

و الطائفة المنصورة هي المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم : « لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك »

فهم بحمد الله : حزب الله , و الأمة الوسط , و أهل السنة الحقة , والجماعة الكبرى , والسواد الاعظم , والفرقة الناجية , والطائفة المنصورة

وعقيدتهم : الدين العتيق, والأمر الأول, والسنة القديمة, والمحجة البيضاء, والطريق المستقيم , والسبيل السوي

وقد اعتنى سلفنا الصالح - رضوان الله عليهم - بتأليف الكتب والدواوين ولمصنفات في علم التوحيد وأصول الدين والاعتقاد والسنة, وبذلوا في ذلك جهودا كبيرة, وأنفقوا أعمارا نفيسة طويلة, فمنهم من اعتنى بجانب معين كالأسماء الحسنى والصفات الإلهية, ومنهم من اعتى بأبواب المعتقد إجمالا, ومنهم من اعتنى بسياق الأدلة تقريرا وتحريرا, ومنهم من اهتم بالرد على طائفة مخالفة, أو نحلة ضالة , أو كتاب مصنف ذائع , أو داعية بدعة زائع, فلذلك تنوعت وتعددت مصنفاتهم, فمن قصيدة منظومة, وكتاب مسند, ومختصرا لطيف, وديوان عظيم في مجلدات وأسفار, وكان هدفهم - رحمهم الله - في ذلك كله نشر ونصر الإعتقاد الصحيح الموروث عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم, المنقول إليهم قرنا بعد قرن, وجيلا بعد جيل بالأسانيد الصحيحة والروايات الموثوقة, والتي تلقوها ورووها عن الاشياخ العدول, والعلماء العاملين, المشهود لهم بالفضل والإمامة, وقدم الصدق والثبات في الدين, فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء, ورحم أمواتهم, وبارك في أحيائهم وأتباعهم إلى يوم الدين, آمين

وقد حرصنا بحمد الله وتوفيقه في موقعنا هذا على عرض ما توفر لدينا من كتب ومصنفات ورسائل عقيدة السلف الصالح أهل الحديث, مخطوطها, ومطبوعها, ومصورها, ومكتوبها, ومقروءها, مرتبين ذلك كله حسب القرون والفنون, ومواضيع وأبواب العقيدة, تسهيلا لطلابها, وتيسيرا لمبتغيها, لتقوم الحجة على وضوح المحجة, والإرشاد إلى صحيح الاعتقاد, وليحيى من حيي عن بينة, ويهلك من هلك عن بينة, والله الهادي بمنه وكرمه إلى سلوك سواء السبيل, واتباع واضح الدليل, جعلني الله وإياكم من المقتفين أثر السلف الصالح, والناصرين لمذهبهم, والذابين المنافحين عنه, ونسأله تعالى أن يبارك في هذا الموقع والجهد المبذول فيه, فينفع به عباده المسلمين المؤمنين وطلبة العلم الشريف, ويجعله خالصا لوجهه الكريم, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

كتبه أبو يعلى البيضاوي المغربي غفر الله له ولوالديه ولمن دعا له .


الجمعة، 2 أبريل 2010

الرسالة الوافية لمذهب أهل السنة والجماعة في الاعتقادات وأصول الديانات للداني / * ط

الرسالة الوافية لمذهب أهل السنة والجماعة في الاعتقادات وأصول الديانات للإمام أبي عمرو عثمان بن سعيد الداني الأندلسي المالكي / ت 444 هـ

قال الشيخ عبد الهادي حميتو يقول في سياق حديثه عن مؤلفات الإمام الداني (مع شيء من الاختصار مني ، كما أغفلت إثبات الهوامش): الكتاب رقم : 100 // الرسالة الواعية في الإعتقادات : ذكرها ابن الأبار بهذا العنوان في ترجمة خلف بن عبد الله ...فقال : حدث عن السفاقسي و عن أبي عمرو المقرئ ، حدث عنه بالرسالة الواعية في الاعتقادات من تأليفه أبو الربيع سليمان بن محمد الغماد المقرئ . و ذكرها أيضا في معجم أصحاب أبي علي الصدفي في ترجمة محمد بن عبد الرحمن المنتيشي من أهل شاطبة حيث قال بعد ذكر بعض مشيخته : " و قرأت بخطه : لما وصل الى ذكر الرسالة - يعني الواعية - لأبي عمرو أثنى على أبي عمرو . فقلت له : إني قرأت على أصحابه ، و ذكرت أبا داود سليمان بن أبي القاسم و أبا الحسن علي بن عبد الرحمن ، فأخرج "الرسالة" و قال : ناولني إياها أحدث بها عنك عنهما "
و ذكر في التكملة هذه القصة أيضا و ذكر أن أبا عبد الله بن خليفة يحمل " الرسالة الواعية " عن تلميذه المذكور مناولة بروايته إياها عن أبي داود و ابن الدوش عن أبي عمرو ، و ذلك سنة 500 هـ. و ذكرها المنتوري في فهرسته مما سمعه من شيخه أبي عبد الله محمد بن محمد القيجاطي و سماها " الرسالة الواعية لمذاهب أهل السنة في الاعتقادات و الديانات.
و قد وقفت على مصورة منها لكنها جاءت مذكورة بعنوان "الوافية " بالفاء بدل العين ، و هي في عشرين ورقة ، و العنوان بتمامه فيها : الرسالة الوافية لمذهب أهل السنة في الإعتقادات و أصول الديانات...
هكذا جاءت بالفاء خلافا لما تقدم وتكرر في كتب الحافظ ابن الأبار الأندلسي و غيره .
و يقوي أنها "الواعية" بالعين لا بالفء قوله في العنوان : "لمذهب" باللام لا بالباء ، إذ لو كان اللفظ بالفاء لكان الأنسب أن يكون "بمذهب " بالباء ، لأن المعروف الشائع في الاستعمال : " الوافي بالأمر " على معنى المستوفي لجملته لا الوافي له .
و قد كان المنتظر أن يرتفع الاشكال بالرجوع الى قائمة أسماء تصانيف أبي عمرو في الفهرست المنشور ، إلا أنها لم تذكر فيه لا باسم " الواعية " و لا " الوافية " و إنما ذكرها في الرقم الترتيبي : 5 باسم : "الرسالة في الاعتقاد " و ذكر أنها جزء"

يعرض أبو عمرو الداني في هذا الكتاب باختصار جملة من المسائل الاعتقادية, وأصول الديانة التي يلزم اعتقادها على المسلمين, ولا يسع المكلف جهلها وفق مذهب أهل السنة والجماعة في الأعم الأغلب, وذلك من خلال تسعة وخمسين فصلاً.
قراءة علمية: ابتدأ المؤلف ببيان أن أول ما افترضه الله تعالى على جميع العباد إذا بلغوا حد التكليف النظر والاعتبار كما يقول المتكلمون, ثم الإيمان به, والإقرار بملائكته ورسله, وقد عرف الإيمان بأنه التصديق وفق مذهب المتكلمين من الأشاعرة والمعتزلة, ثم بين وجوب الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته, متعرضًا لذكر بعض الصفات كالوجه واليدين والعين والإرادة والمشيئة والعلو والنزول والاستواء, ثم بين وجوب الإيمان بالأقدار كلها خيرها وشرها, ثم تعرض للحديث عن كلام الله ـ سبحانه وتعالى- وأنه غير مخلوق, وأن الله تعالى يرى في الآخرة بالأبصار, ويحاسب عباده يوم القيامة, ثم تعرض للحديث عن الإيمان, مؤكدًا ما سبق أن قرره من أن الإيمان هو التصديق, وأنه يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية, وأن الاستثناء فيه جائز إذا كان عائدًا إلى العاقبة والكمال, ولا يجوز على طريق الشك, ثم بين معنى الإسلام والإيمان والعلاقة بينهما, وأن من فرائض الدين لزوم جماعة المسلمين, وأن التصديق بالرؤية واجب, وأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أسري به يقظان لا نائم, ثم تعرض لبيان السمعيات المتعلقة باليوم الآخر ومنها الجنة والنار, وأن المؤمنين يحيون في قبورهم, ويسألون ويفتنون, مقدمًا بعض الأدلة من القرآن والسنة على ذلك. ثم بين وجوب الإيمان بالصراط, والموازين, والحوض وشفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم.
ثم تحدث عن أطفال المؤمنين والمشركين, وأن الجن موجودون, والسحر حق, وأن أفضل الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ المهاجرون, وأفضل المهاجرين العشرة المبشرون بالجنة, ثم ذكر بعض أشراط الساعة مثل: نزول عيسى وكسره الصليب وقتله الخنزير, والدجال, وخروج يأجوج ومأجوج, وخروج الدابة, وطلوع الشمس من مغربها, ثم عقد فصلاً في أصول الديانة وخروج الدابة وطلوع الشمس من مغربها, ثم تكلم عن معالم الشريعة مؤكدًا وجوب تحكيم الكتاب والسنة وأن الإجماع حجة والتقليد غير واجب إلا للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم ختم ببيان وجوب التمسك بالسنة, وترك البدعة.
التقويم :
- قدم المؤلف جملة من العقائد الواجب على المكلف معرفتها, وفق مذهب أهل السنة والجماعة عدا شذرات قليلة, مثل ما ذكره من أن الإيمان هو التصديق, وقوله بأن أول واجب على العباد هو النظر -وهو قول المتكلمين -ومذهب أهل السنة والجماعة أن معرفة الله فطرية جبل عليها الإنسان ولا تتوقف على ما ذكره من النظر, ومن المقرر أن مذهب أهل السنة في الإيمان أنه إقرار بالجنان وقول باللسان وعمل بالأركان, كما ذكر هو نفسه ذلك عن بعض المحدثين والفقهاء, ولكن يبدو أنه رجح قول المتكلمين آنف الذكر.
الملاحظات :
- وقع بالكتاب أخطاء مطبعية.
- لم يقدم المحقق شيئًا عن الأصل الخطي للكتاب أو النسخة التي اعتمد عليها في التحقيق على الرغم من أهمية ذلك, كما قصر في تخريج الآثار والأحاديث, حيث اقتصر على جزء قليل منها, إضافة إلى ذلك لم يقم بالتعريف بمؤلف الكتاب, ومدى صحة نسبة هذا الكتاب إليه, ومن ثم فقد كان دوره في التحقيق دورًا ثانويًا اقتصر على النسخ من أصل لا ندري عنه شيئًا.

طبع أولا في دار ابن الجوزي الرياض 1419 هـ تحقيق الشيخ محمد بن سعيد القحطاني , ثم في مكتبة دار الإمام أحمد بن حنبل الكويت 1421هـ تحقيق دغش بن شبيب العجمي ، حفظه الله ، .وقد بين المآخذ على المؤلف فيما خالف فيه منهج السلف الصالح دار البصيرة الاسكندرية 1426 هـ تحقيق أبي أنس حلمي بن محمد بن إسماعيل الرشيدي
ــــــــ
مواد للتحميل :
ملف بدف / رابط1/

كتب للمؤلف :

عقود السنة
السنن الواردة في الفتن

ليست هناك تعليقات: